الرسالة الأولی: إرسال معنى معين بعض الناس يستخدمون عيونهم كألسنتهم، هم يتحدثون بها، بمجرد النظرة، ولكل معنى نظرة محددة، يفهمها متلقي الرسالة، وقديما قالوا: العبدُ يُقرَعُ بالعَصَا – وَالحرُّ تَكفيهِ الإشَارَة، فأحيانا في بعض الأماكن لا يكون هناك بديل للغة العيون، حيث لا يريد البعض التحدث أو أن يسمع أحدٌ صوته، أو يريد ألَّا يشعر أحد بأمره، فيقوم بالنظر إلى الشخص المعني الذي يريده أن يتحرك، ثم ينقل بصره إلى ذلك المكان المراد، فيفهمه تابعه وينفذ ما يريد دون كلام، إلا إذا كان يتصف بالبلادة فينظر مشدوها دون أن يفهم. وتنتشر لغة العيون ورسائلها بين كثير من المتفاهمين مثل الأزواج، أو الوالدين مع الأبناء، أو بين المحبين، وأحيانا تكون لغة العيون أبلغ من أي كلام، ولذلك نجد أحيانا الأبناء والبنات يخشون من نظرات معينة من الأبوین ویتحاشون التعرض إلیها، وقد یقول أحدهم: ماذا ترید یا أبي أو يا أمي لماذا تنظر إليَّ هكذا، هل بدَرَ مني شيء؟! وقد ترسل العيون رسالة باردة مغلفة بالحب والحنان والعطف، لذا فالمتلقي لها يلبي ذلك من دون خوف ولا حزن، وقد تكون تلك الرسالة الصادرة من العين مثل شرارة النار، يراد منها قسوة وغضب وبغض بخلاف الأولى، وقد تكون تلك النظرة ذات الشرار دليلا على قوة شخصية صاحبها، وصلابته من الداخل، وإدراكه متى يكون صلبا وحاسما في بعض المواضع. ولشدة الحواجب واختلاف حركة الفم في أثناء إطلاق النظرة دور كبير في تحديد المعنى المراد، لذلك فالعين مصدر كبير لإرسال الرسائل، ولكن من الأدب أن تكون الرسالة موجهة لمن هو في نفس المستوى، سواء العمر أو الشهادة أو غيره، ولكن مع كبير المقام لا يليق استخدام لغة العيون، إلَّا في الضروروات إذا كان الموقف يتطلب ذلك، وبتفهم كامل من كبير المقام، أو بطلب مسبق منه، فمن الأدب التحدث مع الكبير والنظر إليه بتوقير واحترام.